Translate

Sunday, January 19, 2014

إخبار المريض بوضعه الصحي.. يساعده
تتجه البلدان الغربية إلى إعلام المريض بحقيقة وضعه الصحي احتراماً لذاته واستقلاليته (الأرشيف، مصطفى جمال الدين)
تتجه البلدان الغربية إلى إعلام المريض بحقيقة وضعه الصحي احتراماً لذاته واستقلاليته
ملاك مكي

تلحظ المادة الثانية من القانون الرقم 574 الصادر في 11 شباط 2004 حقّ المريض في الحصول على معلومات كاملة في شأن وضعه الصحيّ بطريقة واضحة ومفهومة. تتضمن المعلومات الفحوص والتدخلات الطبيّة المقترحة، منافعها وآثارها السلبيّة، المعطيات الجديدة، الحلول الأخرى، المضاعفات الصحيّة في حال عدم الموافقة، وغيرها. وتلحظ المادة السادسة عشرة وجوب أن يتضمّن الملف الطبّي للمريض كل الوصفات والتقارير ونتائج الفحوص الطبيّة وغيرها. ويحفظ القانون حقّ المريض في عدم المعرفة في حال أراد ذلك. تنصّ المادة التاسعة على وجوب استشارة شخص موثوق به من العائلة أو من المقرّبين في الإجراء الطبّي في حال عدم تمكّن المريض من التعبير عن إرادته.
في المقابل تطرح تلك المادة القانونية تساؤلات عدة:

 ما هي المعلومات التي يجب الكشف عنها للمريض، وهل يجب الكشف عن كل المعطيات ولجميع المرضى؟ 
هل تحفظ قوانين الآداب الطبيّة حقّ المريض في المعرفة؟
 هل يستطيع جميع المرضى فهم المعلومات والموافقة على الإجراءات الطبيّة؟ 
ما هي الدوافع أو الموانع في إخبار المريض أو عائلته عن المعطيات الصحيّة والعوامل المؤثرة في ذلك؟
 
يشير الأستاذ في القانون الدكتور نصري دياب إلى وجود نقطة ضعف في القانون 574 إذ يعطي الحق للطبيب في أن يخفي الحقيقة عن المريض في حال كانت تؤذي حالته. ويؤكد دياب وجود دعاوى وقرارات عدة في المحاكم المدنية في شأن حق المريض بالمعرفة ومعاقبة الطبيب. إذ يمكن للمريض المطالبة بحقه والطعن بالقرارات حتى لو كان موقعاً على «الموافقة المستنيرة». في المقابل، يلحظ رئيس قسم الطب النفسي في «مستشفى أوتيل ديو» الدكتور سامي ريشا، خلال الندوة العلمية التي نظمها المستشفى السبت الماضي، عدم ذكر مسألة معرفة المريض بوضعه الصحي في قانون الآداب الطبية الذي تمت مراجعته في العام 2012.

آلية ديناميكية

تكشف الدراسات أن نسبة سبعين في المئة من المتخصصين في الطبّ النفسي في الولايات المتحدة الأميركية، وأن أقلّ من ثلاثين في المئة في اليابان، يعلنون لمرضى الفصام عن اضطرابهم النفسيّ. يجد بعض الأطباء في عدم إخبار المرضى وسيلة لعدم إيذائهم، بينما يعتبر البعض الآخر أن إخبار المرضى يحفظ استقلاليتهم وذاتيتهم. يجب على الأطباء، وفق ريشا، إبلاغ المرضى النفسيين، حين تتحسن حالتهم، بظروفهم الصحيّة وطلب موافقتهم بآلية ديناميكية تتطلب وقتا وليس في لحظة زمنيّة موقتة، ومن خلال مقارنة حالتهم بأمراض أخرى مثل السكري أو ارتفاع ضغط الدمّ خصوصاً في ظلّ المفاهيم الخاطئة عن الأمراض النفسيّة.

حتى الأولاد

يساعد شرح الإجراءات والفحوص الطبية للأولاد، وفق رئيسة وحدة علم النفس في المستشفى الدكتورة ميرنا غناجة، على فهم عالم الطبّ والاستشفاء، وعلى السيطرة بطريقة أفضل على حالتهم وطمأنتهم، وعلى توطيد الحوار بين الأولاد والأهل والمعالجين. ويجب إقناع الأهل، الذين يتخوفون من ردة فعل أبنائهم، بأهمية إخبار الأولاد بتلك المعلومات. فقد أظهر أولاد يعانون السرطان، وفق دراسات فرنسية، في حال تلقيهم المعلومات الوافية قلقاً واكتئاباً أقلّ مقارنة مع الأولاد الآخرين الذين لم يتمّ إعلامهم. من جهة أخرى، تؤكد دراسات أميركية وكندية أن إدراك الولد لما سيجري معه يشكّل عامل الحماية الأول له. تراعي المعلومات عمر الطفل، وتتضمن معطيات طبيّة ونفسيّة وحسيّة تركز على ما سيشعر به الولد أو يراه أو يسمعه. ويمكن الاستعانة بدلائل مصوّرة وألعاب لمقاربة المرض أو إشراك الولد في لعبة رمزية للكشف عن هواجسه ومشاعره.
ولا يقدر المرضى في العناية الفائقة الذين يحتاجون إلى إنعاش، في الغالب، على إعطاء الموافقة على الإجراءات الطبيّة ما يوجب إشراك الأهل. لذا تنصح الدكتورة ماري كلير انطكلي الأشخاص بتعيين شخص موثوق به في حال التعرّض لأزمات طارئة لمشاركة القرارات الصحيّة واتخاذها. يوفّر إعطاء المعلومات للأهل الراحة والاستقلالية ويشركهم في اتخاذ القرارات ويوطد الثقة بينهم وبين المعالجين. يحتاج الأهل إلى معلومات واضحة، صادقة، آنية، ومتجانسة من دون تعارض بين مختلف المعنيين. ويظهر بعض الأهالي عدم فهمهم لما يقوله الأطباء ما يوجب تعزيز وسائل الحوار من خلال تخصيص الوقت الكافي، وعدم التكلم مع الأهالي بشكل طارئ، والتأكد من إدراكهم لخطورة الحالة، واقتراح الخيارات العلاجية. تلفت انطكلي إلى أن معظم شكاوى الأهالي في لبنان تعود إلى شعورهم بالإهمال ورغبتهم في الحصول على المعلومات الوافية والشروحات المناسبة.

سيناريو الأهل

ترتبط العلاقة بين الطبيب والمريض بالعادات الثقافية والاجتماعية: تتجه البلدان الصناعية والغربية إلى إعلام المريض بالحقيقة احتراماً لذاته واستقلاليته، بينما تعتبر البلدان الشرقية أن العائلة مقدسة فتحبذ إخفاء الحقيقة عن المرضى أو التخفيف من وطأتها. تظهر دراسة، أجريت في السعودية في العام 2008 وشملت 321 طبيبا و264 مريضا، أن نسبة 67 في المئة من الأطباء ونسبة 52 في المئة من المرضى يفضلون إخبار المرضى بدل العائلة بالإصابة بالسرطان وتختار نسبة 56 في المئة من الأطباء ونسبة 49 في المئة في المرضى إبلاغ المرضى رغماً عن إرداة الأهالي. يواجه طبيب الأمراض السرطانية في لبنان، وفق رئيس قسم أمراض الدم والأورام في المستشفى البروفسور جوزيف قطان، تدخل الأهل وإنكار المريض لحالته الذي يعتبر ردة فعل نفسية لرفض الحقيقة الصادمة.

 يحترم الأطباء في الغالب رغبة الأهالي والسيناريو في إخفاء الحقيقة عن المرضى بالرغم من أن إعلام المرضى يساعد أكثر في تقبّل المريض العلاج وتقدمه.
ملاك مكي

No comments:

Post a Comment