Translate

Monday, September 1, 2014

مرضى يواجهون الموت في عين الحلوة

أروى تفارق الحياة.. ولا تحصل على العلاج


أروى مع زوجها وطفلتهما (من صور العائلة)
فاطمة
ملاك
محمد
رمزي
رضا
أروى مع زوجها وطفلتهما (من صور العائلة)
انتصار الدنان

أروى ماتت. لم تحظ بالعملية الجراحية المنتظرة. ابنة العشرين عاما، قضت بسبب السرطان، الذي انتشر في جسدها. لم تنفع النداءات الإنسانية، فقد عبرت أروى قبل موتها رحلة مريرة في الصراع مع المرض. من مستشفى إلى آخر، ومن الطب إلى الطب البديل وبالعكس.

بدأت أروى رحلتها مع المرض بعدما أنجبت طفلتها، قبل سنتين، وفق زوجها مصطفى أبو غنيم «لاحظت كيسا صغيراً في رأسها، وبعد مراجعة الأطباء تبين أنها تعاني من مرض السرطان في الرأس وأسفل الساق».

أجريت لها عملية جراحية، ثم بدأت رحلة العلاج باللايزر. وصارت تُعالج بالجرعات الكيميائية، واستمر العلاج ما يقرب العامين من خلال طبيب في «مستشفى دلاعة». يضيف الزوج: «ازدادت حالتها سوءاً، وشارفت على الموت، حين نقلناها إلى مستشفى الهمشري». بعد ذلك دخلت أروى إلى «مستشفى البيطار» للعلاج «بدأت حالتها تتراجع وانتشر المرض في مختلف أنحاء جسمها. هناك، وعبر تقنية الطب البديل، كانت تتناول عقاقير بمعدل 20 حبة في اليوم، بالإضافة إلى دواء سائل. ثم نقلناها إلى مستشفى الهمشري، وهي شبه متوفاة، لا أوكسجين في جسمها ودمها معدله 10 فقط، فاعتنى الأطباء بها حتى ارتفع مستوى الدم وخرجت من المستشفى إلى المنزل»، كما يقول.
بعد ذلك، كشف عليها طبيب في «مستشفى حمود الجامعي»، ووصف لها دواء ثمنه أربعة ملايين ومئتا ألف ليرة، «بعد مرور شهر راجعنا الطبيب فلم يجد أي تحسن لحالتها، ثم عدنا إلى طبيبها الأول، الذي طلب منها الاستمرار بالعلاج ذاته شهراً آخر، لأنه أبلغنا أن حالتها تتحسن، لكن للأسف لم نلمس أي تحسن». ثم صارت تتلقى العلاج في «مستشفى الراعي»، وكانت بحاجة لعملية جراحية في الرئة. ولم توافق إدارة المستشفى على دخولها إلى غرفة العمليات، إلا بعد تأمين مبلغ ألف دولار، لأن السرطان انتشر في الرئتين. الرئة اليسرى تعطلت، والرئة اليمنى كانت تمتلئ بالماء. «فدفعتُ مبلغ 500 دولار، كنت قد استدنتها، والأهل دفعوا تكاليف المستشفى. وبعد دخولها إلى غرفة العمليات، خرج الطبيب معتذراً لأن حالتها الصحية لا تسمح بإجراء العملية، ولا تستطيع التنفس. وظلت أربعة أيام تتنفس من خلال جهاز التنفس الاصطناعي إلى أن توفيت».
خلال صراع أروى مع المرض، وحصولها على علاجات متفرقة، لم تصل إلى العلاج المطلوب.. لكن حياة زوجها وعائلتها تحولت إلى صراع يومي لتأمين تكاليف العلاج والأدوية.. فمن الإعلان عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلى «الأونروا» التي كانت تقدم نسبة الثلث من كلفة جلسات العلاج، إلى طلبه المال من الأصدقاء والأهل.. إلى أن تبرعت «سيدة من فلسطين بمبلغ 4000 دولار، وسلمت المبلغ للسفارة، وكانت كلما تحتاج زوجتي الدواء أقدم للسفارة فاتورة، فيعطونني ثمنه من أصل المبلغ».
العلاج بالتجزئة
حكاية أروى وصراعها مع الموت، إحدى حكايات ذوي الأمراض المستعصية في مخيم عين الحلوة.
الطفل محمد عباس (سنة واحدة)، لاجئ من مخيم اليرموك، لديه ارتخاء في الأعصاب منذ الولادة. وصف له الطبيب أدوية وعلاجاً فيزيائياً. لكن تكلفة العلاج تبلغ ثلاثين دولاراً للجلسة. تقول الأم: «التجأت إلى الأونروا لتقدم لي ثمن الدواء والعلاج الفيزيائي، لكنها لم تدفع لي إلا نصف ثمن صورة سكانر، التي تحدد نوع مرض ابني، وابني بحاجة إلى أدوية مغذية، وعلاج فيزيائي حتى تتحسن حالته».
رضا محمد، فلسطيني، مصاب بمرض التهاب مفاصل لاصق، منذ أكثر من سبع سنوات، وهو يعاني من الألم، بعد تشخيص مرضه من قبل الأطباء، بدأوا بعلاجه «بالكورتيزون»، وبعد إعطائه جرعات مكثفة، أصيب بمرض البحر المتوسط، وأصابه المرض في معدته. لديه مشاكل في القلب، وضعف في النظر وفقر بالدم. المرض «صار متطوراً وأحتاج إلى عملية في العمود الفقري، لتكسير الكلس الموجود بين الفقرات، وهذه العملية تكلفتها نحو مليون دولار، ولا يُنصح بإجرائها هنا بل في دول أوروبية»، كما يقول، وهو لا يستطيع إجراء العملية بسبب وضعه المادي، يعيش على الأدوية التي لم تخفف عنه ألمه.
أما رمزي حسن عيسى، فأصيب بجلطة دماغية، أفقدته الحركة فصار ملازماً للفراش. أجريت له عملية جراحية في «مستشفى قلب يسوع». ثم أصيب بغيبوبة بقي إثرها شهرين في «مستشفى صيدا الحكومي». وعند خروجه من المستشفى لم يكن يستطيع تناول الطعام إلا من خلال الأنابيب التي وضعت له في رقبته. تحسنت حاله تدريجياً. لكنه أصيب بتكلس في قدميه، وتم إجراء عملية جراحية له، وشفي منه. لكن بعد فترة كسر وركه، وتم تركيب ورك له في «مستشفى النداء الإنساني». تقول زوجته: هو بحاجة إلى حفاضات، وعلاج فيزيائي، وفرشة ماء، وأنا لا أملك من ثمن ذلك كله شيئاً، لكن بعض المحسنين يجودون علينا ببعض المال حتى أستطيع أن أشتري له ما يلزمه. أما بالنسبة لتكاليف العملية، «فكانت تكلفتها مئة وخمسة وثلاثين ألف دولار، دفعت منها وزارة الصحة ستة عشر مليونا، والمبلغ المتبقي دفع بعد انقضاء عشرين يوما، دفعه المحسنون، وعندما توجهت إلى مكتب الضمان الصحي في منظمة التحرير، أخبرني أنه لا يستطيع مساعدة زوجي، لأنه مدني وليس عسكرياً».
ملاك طفلة تبلغ من العمر أربعة عشر عاما، مصابة بـ«التلاسيميا»، منذ بلغت عامها الأول، وهي بحاجة لتغيير دم كل شهر. الدم يؤمنه المتبرعون، أما «الأونروا»، وفق أمها، فلا تتكفل بتقديم العلاج لها، لأنها تساعد فقط الذين هم دون الاثني عشر عاماً، والطفلة بحاجة لعلاج دائم، حتى تخف نسبة الحديد في الدم، وإلا سوف تصاب بتشوهات جسدية، أو بتضخم في الكبد، والعلاج مكلف جدا، لأنها بحاجة إلى علبة دواء كل شهر.
فاطمة، مصابة بفشل كلوي، وهي بحاجة لغسيل كلى مرتين في الأسبوع، لا تتلقى مساعدة من «الأونروا»، ولا من سفارة فلسطين، لأن المرض ليس مدرجا ضمن الخدمات المشمولة في المساعدات. لكنها تتلقى العلاج في «مستشفى الهمشري» الذي فُتح فيه قسم لعلاج مرضى الكلى مجاناً. المشكلة تكمن في تأمين الأدوية، وسعرها مرتفع جداً، وهي دائما تطلب المساعدة من المحسنين حتى يتم تأمين الدواء لها. يذكر أن «السفير» نشرت، الأربعاء الماضي، موضوعاً بعنوان «أروى تصارع الموت وتطلب العلاج».

No comments:

Post a Comment