علياء عواضة

كان انتظاره مشوقاً. وغالباً ما كنت أسأل عن الشعور الذي سيعتريني عند ضمه للمرة الأولى.

الثلاثاء كان إنذاراً خاطئاً عدت إلى المنزل مع سليم (زوجي). الساعات تمر ببطء في ظل الآلام التي تعتريني. انطلق سليم إلى عمله وجلست في انتظار الموعد. عادت الآلام بقوة خلال الليل، لم يكن بمقدوري احتمالها، انطلقنا مجدداً بعد منتصف الليل إلى المستشفى. الحارس كان حاسماً بأنني بتُّ جاهزة لاستقبال صغيري.

لحظات الانتظار طويلة، وها هم يجهزونني، وسليم يمسك بيدي يخفف من الألم. حان وقت الدفع قالت الطبيبة، وبعد سبع دقائق وضعوا دانيال على صدري. كائن صغير ينتظر من والدته أن تضمه إلى صدرها ليشعر بوجودها الجسدي والفعلي، وهو الذي كان يشعر بها طوال تسعة أشهر.

بكينا سليم وأنا، ولم نكن نعلم أن مجرد رؤية هذا الصغير ستملأ قلبينا بهذه المشاعر. حب وقلق في الوقت عينه.

لقد كنَّا إثنين وبتنا عائلة من ثلاثة أفراد: دانيال سليم وعلياء.

دانيال، طفلنا الصغير، مسؤولية عقدنا العزم والده وأنا على توليها وإيلائها، سيبكي طبعاً وسنكون جاهزَين للبكاء معه، سيمرض طبعاً، وسنكون دائماً جاهزَين لمنحه الحنان والقوة، سيلعب، سيضحك، سيذهب إلى المدرسة والجامعة.. وسنكون دائماً جاهزَين لاحتضانه ومساعدته على الانطلاق إلى معترك الحياة.

دانيال، لقد أتيت إلى هذه الدنيا وأطفال فلسطين وسوريا وغيرهما من الدول العربية يموتون يومياً. لقد أنجبتك في عالم مليء بالظلم، ووطن لا احترام فيه لقيم المساواة، فكثير من الأطفال لا يحصلون على جنسية والدتهم اللبنانية لأنها امرأة، ولأننا في بلد لا يحترم قيمَ المواطنة.

دانيال، لقد أنجبتك في وطن السارق والقاتل يُمجَّدان والأبطال يُعدمون، وأنجبتك في وطن يواجه فيه المواطنون يومياً شتى أنواع المصائب. لكن، وفي ظل ذلك، ستجد مناضلين من أجل وطن أفضل على أمل أن تكون واحداً منهم، وستجد أصدقاء وصديقات يقفون إلى جانبك دوماً.. وعائلة تحتضنك دائماً.