Translate

Wednesday, August 28, 2013

نظام الإسعاف في لبنان... مريض

إستراتيجية لخدمات الطوارئ والإسعاف وحوادث الطرق لم تر النور بعد (أرشيف «السفير»)



ملاك مكي
لا معطيات عن عدد المسعفين العاملين على الأراضي اللبنانية، أو عن عدد سيارات الإسعاف وتجهيزاتها، أو عن التدريبات الطبية التي يتلقاها المسعفون. لا توجد غرفة عمليات موحّدة أو إستراتيجية واضحة لحالات الإسعاف والطوارئ للتنسيق بين مختلف الجهات المعنية.
لا تراقب وزارة الصحة العامة عمل الهيئات الإسعافية. ينحصر دورها في تخصيص ثلاثة ملايين دولار سنويا لـ«الصليب الأحمر اللبناني»، بينما تدرس الوزارة حالياً «مشروع إعادة تنظيم الطوارئ في لبنان». تعمل جهات رسمية ومدنية وبلدية عدة في قطاع الإسعاف في لبنان، من دون أن يعرف المرء الكثير عن آلية عملها وقدراتها ومشاكلها. تعرض «السفير» وضع بعض الجهات ومنها «الصليب الأحمر اللبناني»، و«الدفاع المدني»، و«الهيئة الصحية الإسلامية» و«هيئة الإسعاف الشعبي».
«الصليب الأحمر»
يتطوع في «الصليب الأحمر اللبناني» 2700 مسعف (تتراوح أعمارهم بين 18 و22 عاماً) في 46 مركزاً. ويعمل 120 فرداً من السادسة صباحاً إلى السادسة ليلاً، ويتقاضون منحة نهارية. يلتزم المتطوعون بالمبادئ والشروط العامة مقدّمين خدمة إنسانية للجميع من دون تمييز. يمتلك «الصليب الأحمر» 264 سيارة إسعاف، منها 120 سيارة مجهزة طبياً للأزمات القلبية والتنفسية.
يتلقى المتطوع، وفق مدير فرق الإسعاف والطوارئ في «الصليب الأحمر اللبناني» عبدالله زغيب، دورة تدريبية بالإسعافات الأولية مدتها ثماني ساعات، ثم دورة 48 ساعة يخضع بعدها إلى امتحان، ثم يلتحق بمخيم لمدة ثلاثة أيام للتدرب على استخدام المعدات، وإدارة المركز، وتلقي الاتصالات، واحترام المعايير القانونية.
ويخضع المسعف لإعادة تأهيل كلّ ثلاثة أشهر، مع الإشارة إلى أن السائقين هم مسعفون متدربون.
ينفذ «الصليب الأحمر» مهمات نقل المرضى من البيت أو موقع الحادث إلى المستشفى، ومن مستشفى إلى آخر، ومن المستشفى إلى البيت، ومن البيت إلى عيادة الطبيب، والإسعافات المنزلية. ويواكب النشاطات الثقافية والرياضية والفنية، وغيرها من دون مقابل مادي. يغطي الصليب الأحمر نسبة تتراوح بين 50 و60 في المئة من مهمات الطوارئ في لبنان. وقد وضع «إستراتيجية 2008-2012» لتطوير المعدات، وسيارات الإسعاف، والبرامج، والتجهيزات، ونفذ منها الكثير من المراحل.
كما تتوزع أربع غرف عمليات (بيروت، الجنوب، البقاع، الشمال) لتلقي اتصالات المواطنين وإحالة الحالات إلى المركز الأقرب. ويجب أن تصل سيارة الإسعاف في غضون عشر دقائق إلى موقع الحادث، أو المصاب، غير أن سيارة الإسعاف تحتاج إلى 15 أو 20 دقيقة للوصول في مدينة بيروت وإلى مدة زمنية أطول في الأرياف. ترفض بعض المستشفيات استقبال المرضى فتتوجه إسعاف «الصليب الأحمر» إلى المستشفى الأقرب من دون الاتصال بها مسبقاً.
ترتكز آلية المراقبة والمحاسبة، وفق زغيب، على توجيه إنذار خطي للمسعف في حال ورود شكاوى أو مخالفة، ثم إنذار خطي أخير وبعدها توقيف عن القيام بالمهمات. يلاحظ زغيب غياب التنسيق مع الجهات الأخرى في الحوادث الصغيرة، بينما يتم التنسيق مع الدفاع المدني وفوج الإطفاء والجيش اللبناني في الحوادث الكبرى.
لا يعتبر عدد المسعفين، وفق زغيب، كافياً في لبنان إذ يحتاج «الصليب الأحمر»، إلى نحو 4 آلاف متطوع، وإلى 10 سيارات إسعاف في بيروت، بدل 4 سيارات متوافرة اليوم، وإلى مئة سيارة عاملة في النهار بدل 40 سيارة، وإلى ميزانية تقدّر بعشرة ملايين دولار بدل ثلاثة ملايين دولار تخصصها وزارة الصحة سنوياً لخدمات «الصليب الأحمر اللبناني». ويأمل زغيب بالسماح بالتدخل الطبي بإشراف طبيب متخصص في الإسعاف.
«الدفاع المدني»
خضع مئتا عنصر من «الدفاع المدني اللبناني» لدورات إسعاف أولية أساسية، بإشراف خبراء فرنسيين، ومعظم العناصر هم من المتطوعين. ترتكز مهمات المسعف، وفق المدير العام للدفاع المدني العميد ريمون خطار، على تثبيت المصاب ونقله لأقرب مستشفى في أسرع وقت ممكن من دون التدخل الطبي لذا لا يحتاج المسعفون إلى تدريبات طبية.
يمتلك الدفاع المدني مئة آلية إسعاف. وتتلقى غرفة العمليات المركزية الاتصال، وتحيل بالتالي الحالة إلى المركز الأقرب لموقع الحادث. يغيب التنسيق بين «الدفاع المدني» والأجهزة الأخرى، فتتواجد جهات عدة في الحادث عينه.
يلفت خطار إلى أن غياب التنسيق يؤثر سلباً في بعض الأحيان، بينما ينعكس ذلك إيجاباً في أحيان أخرى، خصوصاً أن إسعافات الدفاع المدني مجهزة بمعدات إنقاذ تفتقر إليها السيارات الأخرى. كما يواجه الدفاع المدني صعوبات في الحالات الطارئة، منها، عدم توافر معلومات دقيقة عن المصابين ومكان وجودهم، بالإضافة إلى أزمات السير وعدم تخصيص ممرات لسيارات الإنقاذ، ونقص في المعدات والأدوات الضرورية داخل السيارات. ويعيق تدخل الفضوليين عمل المسعفين، بالإضافة إلى النقص في عدد المسعفين خلال النهار، بسبب انصراف المتطوعين منهم إلى أعمالهم. وتتهرب بعض المستشفيات من استقبال بعض المرضى بحجة عدم توافر الأسرة، ما يوجب الانتقال إلى مستشفى آخر.
«الهيئة الصحية»
تضم «مديرية الدفاع المدني»، في «الهيئة الصحية الإسلامية»، وفق المدير العام للمديرية عدنان مقدّم، 24 مركزاً إسعافياً على جميع الأراضي اللبنانية وأربعة مراكز تدريب. يعمل فيها 460 مسعفاً متعاقداً يتقاضون رواتب، و1500 متطوع، و500 متطوعة (مع الإشارة إلى أن الإناث لا يعملن إلا في حالات الطوارئ الكبرى). ويتابع قسم التدريب تأهيل المسعفين وتعزيز قدراتهم وفق برنامج تدريبي متدرج، إذ يقوم المسعف بوقف النزف، وتشخيص حالة المريض، والتخفيف من تفاقم الأزمة، والحفاظ على حياة المصاب من دون أن يحق له علاج الإصابة. وتقوم الهيئة بمراقبة عمل المسعفين الذين يخضعون لاختبارات دورية، وبمعاينة جودة المستلزمات الإسعافية.
تمتلك الهيئة 240 سيارة إسعاف، موزعة على ثلاث فئات، الفئة «أ»، لنقل الحالات العادية، والفئة «ب» المزوّدة بتجهيزات لحالات الإنعاش، والفئة «ج» المزودة بأجهزة لأزمات القلب والصدمات في الحالات الخطرة. وذلك مثل «مزيل الرجفان الآلي - defibrillator»، يتواجد فيها طبيب وتضم الهيئة 20 سيارة من فئة «ج».
ولدى الهيئة خمس غرف عمليات، تربطها وحدة مركزية. وتتلقى الغرف اتصالات المواطنين وتحيل الحالات إلى أقرب مركز لإرسال سيارة إسعاف، ونقل المصاب إلى المستشفى الأقرب. وتحتاج سيارة الإسعاف، وفق مقدّم، من ثلاث إلى أربع دقائق للوصول إلى المصاب في مدينة بيروت. وتختلف المدة الزمنية في الأرياف نسبة إلى طول المسافة. وقد قامت الهيئة بـ28459 مهمة إسعافية في العام الماضي، وبـ27583 مهمة في العام 2011.
ويشير مقدّم إلى أن الهيئة تنسق مع «الصليب الأحمر اللبناني»، و«الدفاع المدني»، في ظل غياب غرفة عمليات مشتركة، وغياب مراقبة وزارة الصحة، وقلة في الدعم الرسمي إذ تدفع الجهات الخاصة كلفة جمرك سيارات الإسعاف.
«الإسعاف الشعبي»
تضم «هيئة الإسعاف الشعبي»، وفق المنسق العام للهيئة عماد عكاوي، 13 سيارة إسعاف، أربع منها مجهزة بالكامل. وتعمل عشر منها في مدينة بيروت. يبلغ عدد المسعفين المتطوعين في الهيئة 360 شخصاً، ذكوراً وإناثاً. تتراوح أعمارهم بين 15 و25 عاماً، منهم 60 شخصاً بشكل دائم و300 يتم استدعاؤهم في حالات الطوارئ الكبرى مثل الحروب. ويتلقى المسعفون والمسعفات دورات متخصصة في الإسعافات الأولية، من قبل أطباء لمدة ثلاثة أشهر.
يقوم المسعف، وفق عكاوي، بتضميد الجروح، وإنعاش القلب وتدليكه، وإعطاء الأوكسجين، ويرافق طبيب متخصص فريق المسعفين في بعض الحالات الحرجة. يتصل الأفراد بأرقام الهيئة وتتوجه السيارة الأقرب إلى المصاب أو المريض. ويرفع الشخص المسؤول في سيارة الإسعاف، بعد الانتهاء من المهمة، تقريراً تقويميا للمكتب التنفيذي الذي يمكن له أن يوجّه إنذارا أو إشارة إلى إعادة التأهيل أو طرد المتطوعين في حال ارتكاب مخالفة معينة من دون وجود جهة رسمية تراقب عمل المسعفين.
يشير عكاوي إلى مشاكل عدة في الإسعاف في لبنان، منها، نقص في الدعم المادي واللوجستي، خصوصاً أن الجهات المدنية تدفع رسوم تأمين سيارات الإسعاف الخاصة بها.
تنظيم الطوارئ
مطلع العام الحالي، أعيد تشكيل اللجنة الوطنية المكلفة وضع إستراتيجية لخدمات الطوارئ والإسعاف وحوادث الطرق. يترأس اللجنة وزير الصحة العامة علي حسن خليل، وتضم ممثلين عن «الجمعية اللبنانية لطب الطوارئ»، وعن رؤساء أقسام الطوارئ في المستشفيات الأساسية، وممثل عن «منظمة الصحة العالمية»، وعن «مجلس الإنماء والإعمار»، و«الصليب الأحمر اللبناني»، و«الدفاع المدني»، والجيش وقوى الأمن، ونقابة المستشفيات، نقابة الأطباء. وتدرس اللجنة حالياً مشروع إعادة تنظيم الطوارئ في لبنان من ناحية خدمات الإسعاف والإنقاذ، والطوارئ ليحال بعدها إلى مجلس الوزراء.
ينصّ المشروع في مرحلة ما قبل الوصول إلى المستشفى، وفق مقرر اللجنة الوطنية الدكتور بهيج عربيد، على ضرورة إجراء مسح وطني لخدمات الإسعاف العاملة على الأراضي اللبنانية، وعلى وضع المواصفات الفنية الضرورية لسيارات الإسعاف، والعناصر البشرية، والمعدات، ومنح الرخص لسيارات الإسعاف. ذلك بالإضافة إلى تقدير الحاجات الوطنية لخدمات الإسعاف الأولية.
ويشدد عربيد على ضرورة تخصيص ميزانية مالية لتنفيذ المشروع وتطويره، خصوصاً في ظلّ الفوضى في قطاع الإسعاف.
ملاك مكي

No comments:

Post a Comment