Translate

Saturday, October 5, 2013

الملحق

شعر

 - ما الذي اقترفه الله؟



5 تشرين الأول 2013
الجنة جحيمنا المعقولة
لا يشفينا إلا فقدان الأمل.
الأشياء الجميلة دائماً تموت باكراً
الدهشة عمرها قصير.
احذفْ حماقاتك وتفاهاتك من دفتر حياتك...
تختف، كأن لم تكن.
* * *
نحتاج فقط إلى من يقنعنا بأن الهواء ليس جريحاً
ونعيش كي نستهلك الأوكسيجين من الهواء
كي لا يتنشَّقه أحد سوانا.
* * *
ليست الجنة ما نطمح إليه.
هي فقط جحيمنا المعقولة.
عندما نصدّق أن الحياة تتوقف على أحدٍ ما، على شيء ما،
تكون الحياة قد توقفت فعلاً.
... وهذا يوم جميل آخر ضلَّ طريقه وحطَّ على كتفي.
* * *
المطر وافر ونبيذي قليل.
نمتُ وأفقتُ، فوجدت النهارَ حطاماً.
أضفته إلى روزنامة عمري.
* * *
ما الفرق بين هنا وهناك ما دمتَ وحيداً في الأمكنة كلها؟
السلحفاة التي جلبتُها إلى بيتي بدأت تظهر عليها أعراض الإكتئاب.
اليتم فقدان الأمل.
الأمل يتيم الأرض.
كمثل من يتغيّبون عن كل اجتماع عائلي
هنيئاً لهم، هنيئاً لليتم، للأمل اليتيم، للخبرة في صناعة الأوهام.
* * *
نحن المقيمين في الحُفر
إلى كل الذين يرفعون إسم لبنان عالياً، خفَّافاً على القمم، أقول:
رجاءً، هل في وسعكم أن تخفضوه قليلاً؟ نحن المقيمين في الحُفر، بين الحُفر، نشرئب إليه بأعناقنا، برؤوسنا، فلا نراه.
رجاءً اخفضوه قليلاً: فائض خيباتنا في أعلى مستوياته.
ذلك الكلام العتيق، ذلك الشعر الصدئ، تلك الأحلام المهدورة، لم تعد صالحة للبيع. صارت خردة في سوق واحدة لليأس، للفرق الواحد.
* * *
ربما تكمن الطامة الكبرى في أن "الطرق إلى الله بعدد البشر".
لذا علينا أن نحمد الله على عدم وجود الـ"فايسبوك" في أيام حروبنا اللبنانية. فكلما قال أحدٌ ما جزءاً من الحقيقة، سقط صديق له من القطار.
مرةً أخرى علينا، إذاً، أن نحمد الله على أن أحداً لا يقبض على الحقيقة كاملة بمفرده.
* * *
من اللغات أجيدُ العربية، وشيئاً لا بأس به من الفرنسية، والقليل من الإنكليزية، وخمس كلمات من الإيطالية، وكلمة واحدة يتيمة من الكردية: أزادي.
لكنني كلما سمعتُ جنرالاً أو قديساً يتحدث في السياسة، رأيتُ كارثة تلوح في الأفق، وقلت:
في هذه الأضواء الساطعة الباهرة، إهدنا إلى الظلال، إلى دروب الفروق والفواصل يا إله الظلال والفروق والفواصل.
وقلتُ أيضاً: متى نتركُ بيننا فسحات لتلعب فيها رياح السموات، من دون أن تصير هي السماء؟
ثم إنني أتساءل أحياناً: ما الذي اقترفه الله ليحتاج إلى كل هذا العدد الكبير من الوكلاء للدفاع عنه؟!
أما للقائلين إن "الحياة وقفة عزّ"، فأقول: ألا لا يجرِّبنَّ المولى أحداً هذه التجربة.
تباً لهذه البلاد التي لا دعة لأهلها إلا في جلوسهم على ضفة أنهار القتل، منتظرين عبور جثث أعدائهم، زرافاتٍ ووحداناً.
ثمة مساحات أرحب للبطولات، فترجّل عن الشاشة العالية أيها السيد الجليل.
* * *
خواطر تلفزيونية و"فايسبوكية"
الأشرار جميعاً ماتوا تقريباً في مسلسلات الدراما الرمضانية في الموسم الفائت. ستغيب الدراما، إذاً، في رمضان المقبل، فنعيش ليالي من اللهو والضحك حتى الفجر، من دون أن نخشى أحداً.
فقط في أوقات الإفطار الرمضانية تصل الى بيتك بقليلٍ من الوقت، فينتابك شعور أقلوي لذيذ.
بعد البحث والتدقيق لا شيء يجمعنا سوى التبولة والفتوش في المراحل المصيرية والمنعطفات أو الاستحقاقات الكبرى الخطيرة.
* * *
بعض العصاميين لا يحتاجون الى شيء في مسيرة بناء الذات إلا للمخابرات السورية.
وأخيراً، ها نحن نحتاج الى مجلس لتشخيص ضرب النظام، فلا بد أن يستشيط القدر.
تماماً كاستعانة رئيس التحرير في إحدى الصحف اللبنانية الغراء بمواضيع الانشاء العربية للصفوف الابتدائية، عندما يكتب رسائله العصماء الى سيادة الرئيس السوري.
أما لمن يدعونني على الـ"فايسبوك" الى الإعجاب بالدكتور فيصل المقداد، فأقول: من زمان تخطيت مرحلة الإعجاب. أنا متيّمة به.
* * *
الشاعر المزعوم الذي تحول محلّلاً سياسياً مفوّهاً في الجيوستراتيجيا، أدمن الظهور في برامج الـ"توك شو" التلفزيونية، وتخلى عن صفته السابقة، ثم أخذ يقول ساخراً "هيدا شعر"، كلما سمع كلاماً تافهاً من محاوره العتيد.
كم من الحقارات ترتكب باسمك أيها الشعر؟!
* * *
بعض الأصدقاء يكتبون شذراتٍ بالغة الجمال على صفحاتهم في الـ"فايسبوك"، فتستدعي "لايكات" من دون تردد. لكنني أخاف من صورة القطيع، عندما يبلغ عدد "اللايكات" الخمسمئة على صفحة أحدهم. وبلا حسد أتساءل: هل يأخذ التيهُ "النجم" الـ"فايسبوكي"، فيسكره عدد المعجبين، ويروح يحصي الرؤوس في قطيعه؟
حيوية الـ"فايسبوك" ليست أحياناً إلا دليلاً على شقاء ضحاياه. أما معضلة من يبدي رأياً صريحاً في الشعر الـ"فايسبوكي"، فهي أنه غالباً ما يخسر 99 في المئة من أصدقائه.
أمس عنَّ على بال أحد "الشعراء" صحن من المجدرة – ربما كان جائعاً، فأكل ما يزيد على مئة "لايك": صحتين.
عرب الـ"فايسبوك" شعراء وفدائيون في معظمهم. فهل من حسابٍ لما نصرفه من رصيد أعمارنا في الفضاء الإفتراضي؟
* * *
نطفة الفرح الأخيرة
كلما حضرتُ ندوة أو مؤتمراً عن "حقوق المرأة"، وجدتني وسط رهطٍ من النساء، كأنني في جنازة.
لا ينقذني من شعوري هذا سوى انتقائي الجثة الأجمل، كي تُلتقط لي صورة الى جانبها. إذذاك أوقن أنني لا أزال على قيد الحياة.
التاء الطويلة والتاء المربوطة بعرشٍ محمول فوق فواصل المعنى.
أمام النقطة الأخيرة ابتسامتك التي تضع حداً للنص:
هكذا تنتفض القواعد على نفسها وتستسلم لفوضى الصدى...
أنتَ اللغة، أنتَ المدى.
كلما تعثّرتُ باللغة أشرق المعنى... لا معنى إلا لعينيك.
كأنني في نهاية المطاف لا شيء. لا شيء، لكنْ له قلب.
وحده سحَّاب الفستان الخلفي يذكّرني بوحدتي.
لا أنساكَ، فقط أؤجلكَ.
من ليس معي هو الأجمل.
اتركْ في الصباح نطفة من الفرح أمام بابي. وارحل.

No comments:

Post a Comment