1
|
مُهْدي ليالينا الأسَى والحُرَقْ
|
ساقي مآقينا كؤوسَ الأرَقْ
|
نحنُ وجدناهُ على دَرْبنا
|
ذاتَ صباحٍ مَطِيرْ
|
ونحنُ أعطيناهُ من حُبّنا
|
رَبْتَةَ إشفاقٍ وركنًا صغيرْ
|
ينبِضُ في قلبنا
|
**
|
فلم يَعُد يتركُنا أو يغيبْ
|
عن دَرْبنا مَرّهْ
|
يتبعُنا ملءَ الوجودِ الرحيبْ
|
يا ليتَنا لم نَسقِهِ قَطْرهْ
|
ذاكَ الصَّباحَ الكئيبْ
|
مُهْدي ليالينا الأسَى والحُرَقْ
|
ساقي مآقينا كؤوس الأرَقْ
|
2
|
مِن أينَ يأتينا الأَلمْ?
|
من أَينَ يأتينا?
|
آخَى رؤانا من قِدَمْ
|
ورَعى قوافينا
|
**
|
أمسِ اصْطحبناهُ إلى لُجج المياهْ
|
وهناكَ كسّرناه بدّدْناهُ في موج البُحَيرهْ
|
لم نُبْقِ منه آهةً لم نُبْقِ عَبْرهْ
|
ولقد حَسِبْنا أنّنا عُدْنا بمنجًى من أذَاهْ
|
ما عاد يُلْقي الحُزْنَ في بَسَماتنا
|
أو يخْبئ الغُصَصَ المريرةَ خلف أغنيَّاتِنا
|
**
|
ثم استلمنا وردةً حمراءَ دافئةَ العبيرْ
|
أحبابُنا بعثوا بها عبْرَ البحارْ
|
ماذا توقّعناهُ فيها? غبطةٌ ورِضًا قريرْ
|
لكنّها انتفضَتْ وسالتْ أدمعًا عطْشى حِرَارْ
|
وسَقَتْ أصابعَنا الحزيناتِ النَّغَمْ
|
إنّا نحبّك يا ألمْ
|
**
|
من أينَ يأتينا الألم?
|
من أين يأتينا?
|
آخى رؤانا من قِدَمْ
|
ورَعَى قوافينا
|
إنّا له عَطَشٌ وفَمْ
|
يحيا ويَسْقينا
|
3
|
أليسَ في إمكاننا أن نَغْلِبَ الألمْ?
|
نُرْجِئْهُ إلى صباحٍ قادمٍ? أو أمْسِيهْ
|
نشغُلُهُ? نُقْنعهُ بلعبةٍ? بأغنيهْ?
|
بقصّةٍ قديمةٍ منسيّةِ النَّغَمْ?
|
**
|
ومَن عَسَاهُ أن يكون ذلك الألمْ?
|
طفلٌ صغيرٌ ناعمٌ مُستْفهِم العيونْ
|
تسْكته تهويدةٌ ورَبْتَةٌ حَنونْ
|
وإن تبسّمنا وغنّينا له يَنَمْ
|
**
|
يا أصبعًا أهدى لنا الدموع والنَّدَمْ
|
مَن غيرهُ أغلقَ في وجه أسانا قلبَهُ
|
ثم أتانا باكيًا يسألُ أن نُحبّهُ?
|
ومن سواهُ وزّعَ الجراحَ وابتسَمْ?
|
**
|
هذا الصغيرُ... إنّه أبرَأ مَنْ ظَلَمْ
|
عدوّنا المحبّ أو صديقنا اللدودْ
|
يا طَعْنةً تريدُ أن نمنحَها خُدودْ
|
دون اختلاجٍ عاتبٍ ودونما ألمْ
|
**
|
يا طفلَنا الصغيرَ سَامحْنا يدًا وفَمْ
|
تحفِرُ في عُيوننا معابرًا للأدمعِ
|
وتَسْتَثيرُ جُرْحَنا في موضعٍ وموضعِ
|
إنّا غَفَرْنا الذنبَ والإيذاء من قِدَمْ
|
4
|
كيف ننسىَ الألَمْ
|
كيف ننساهُ?
|
من يُضيءُ لنا
|
ليلَ ذكراهُ?
|
سوف نشربُهُ سوف نأكلُهُ
|
وسنقفو شُرودَ خُطَاه
|
وإذا نِمنا كان هيكلُهُ
|
هو آخرَ شيءٍ نَرَاهْ
|
**
|
وملامحُهُ هي أوّلَ ما
|
سوف نُبْصرُهُ في الصباحْ
|
وسنحملُهُ مَعَنا حيثُما
|
حملتنا المُنى والجراحْ
|
**
|
سنُبيحُ له أن يُقيم السُّدودْ
|
بين أشواقنا والقَمَرْ
|
بين حُرْقتنا وغديرٍ بَرُودْ
|
بين أعيننا والنَّظَرْ
|
**
|
وسنسمح أن يَنْشُر البَلْوى
|
والأسَى في مآقينا
|
وسنُؤْويه في ثِنْيةٍ نَشْوَى
|
من ضلوع أغانينا
|
**
|
وأخيرًا ستجرفُهُ الوديانْ
|
ويوسّدُهُ الصُّبَّيْر
|
وسيهبِطُ واديَنَا النسيان
|
يا أسانا, مساءَ الخَيْرْ!
|
**
|
سوف ننسى الألم
|
سوف ننساهُ
|
إنّنا بالرضا
|
قد سقيناهُ
|
5
|
نحن توّجناكَ في تهويمةِ الفجْرِ إلهَا
|
وعلى مذبحكَ الفضيّ مرّغْنَا الجِبَاهَا
|
يا هَوانا يا ألَمْ
|
ومن الكَتّانِ والسِّمْسِمِ أحرقنا بخورَا
|
ثمّ قَدّمْنا القرابينَ ورتّلْنَا سُطورَا
|
بابليَّاتِ النَّغَمْ
|
**
|
نحنُ شَيّدنا لكَ المعبَدَ جُدرانًا شَذيّهْ
|
ورَششنا أرضَهُ بالزَّيتِ والخمرِ النَّقيَّهْ
|
والدموع المُحرِقهْ
|
نحن أشعلنا لكَ النيرانَ من سَعف النخيلِ
|
وأسانا وَهشيم القمح في ليلٍ طويلِ
|
بشفاهٍ مُطْبَقَهْ
|
**
|
نحنُ رتّلْنَا ونادَيْنا وقدّمْنا النذورْ:
|
بَلَحٌ من بابلِ السَّكْرَى وخُبْزٌ وخمورْ
|
وورودٌ فَرِحَهْ
|
ثمّ صلّينا لعينيك وقرّبنا ضحيّهْ
|
وجَمَعْنا قطَراتِ الأدمُعِ الحرّى السخيّهْ
|
وَصنَعْنا مَسْبَحَهْ
|
**
|
أنتَ يا مَنْ كفُّهُ أعطتْ لحونًا وأغاني
|
يا دموعًا تمنحُ الحكمةَ, يا نبْعَ معانِ
|
يا ثَرَاءً وخُصوبَهْ
|
يا حنانًا قاسيًا يا نقمةً تقطُرُ رحْمَه
|
نحنُ خبّأناكَ في أحلامنا في كلّ نغْمهْ
|
من أغانينا الكئيبهْ
|
No comments:
Post a Comment